من أنا

صورتي
صلاله, Oman
إقرأ .. أجمل ماتقرأ.. أكتب.. وأجمل ماتكتب.. أحفظ .. وأجمل ماتحفظ .. حدث به الآخرين.

الأربعاء، 1 يوليو 2020

المعنى والرموز .. والبيت القديم



  في إحدى قصصه القصيرة، بدأ الكاتب الكبير نجيب محفوظ بالآتي: " تم الهدم وبقيت الأنقاض. تجلت أرض البيت القديم مساحة شبه مربعة في الفضاء خالية من أي معنى وبلا رموز" .. هذا هو حال بيوتنا القديمة كما وصفها نجيب محفوظ لكنهم مشكورين تركوا لنا الأشجار كرموز، فبيتنا يبعد 25 متراً جنوب غرب شجرة بيذام العم رجب. تلك الشجرة التي ما زالت تثمر رغم بُعد أهلها عنها. نعم صارت وحدها مكشوفة لكل عوامل التعرية إلا أنها صامدة تواجه الوحدة والبحر والمطر والسيارات.

عند ذلك الموقع بالضبط، تتجلى المعاني يا عم نجيب لأنها محفورة في الذاكرة كالحفر في الصخر. لكن إذا أزالوا الرمز، ماذا يحدث؟ هل تعتقد أن المعاني تتلاشى؟ وتتلاشى الخطوات؟ وتتلاشى صور الطيور وصوت البحر؟ قد تكون هناك فرضية العلاقة الوطيدة بين الرمز والمعنى في حالات كثيرة إلا في حالة البيوت القديمة، فإنها تبطل تلك الفرضية.

 ها نحن الآن نبعد عن المكان والرموز ورغم الهدم ورغم طمس كل البيوت ورغم إزالة أي أثر لها، ما زلنا نتذكر تفاصيل التفاصيل. ومازالت تلك الصور والأصوات في الذاكرة حاضرة وفي الأذهان راسخة وفي القلوب عامرة. ستظلين أيتها البيوت بألوانكِ وبأبوابكِ ونوافذكِ في عقولنا ثلاثية الأبعاد ما دمنا أحياء!!.