من أنا

صورتي
صلاله, Oman
إقرأ .. أجمل ماتقرأ.. أكتب.. وأجمل ماتكتب.. أحفظ .. وأجمل ماتحفظ .. حدث به الآخرين.

السبت، 20 مارس 2021

قالوا عن المدونة ..

 قبل إسدال الستار على المدونة .. 

يسرني معرفة رأيكم في

مدونتي

  "رسالتي" 

عبر الواتساب

ديسمبر 2011م كانت البداية،

و2021م موعد النهاية ..

هي ، في الواقع، ليست النهاية بل إلى مشروع أفضل مما هي عليه الآن .. 

_____

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

المدونة رائعة بكل مافيها من مواضيع متنوعة وأحب أشكرك جزيل الشكر د. ياسر على توعيتك للمجتمع وتعليمنا بدون مقابل وأحياناً بمبالغ رمزية وهذا مجهود تشكر عليه ولن توفيك كلماتنا مهما قلنا ولكن لك الدعاء الصالح وجزاك الله خير الجزاء في الدارين . 

تلميذكم

-----------------------

لا يمكن و صف مدونتك إلا بالكنز الثمين ، فهي مدونة رائعة تقدم محتويات جذابة

أعجبني جدا محتوى مدونتك فهي ليست بمدونة عادية هي مليئة بالمحتوى الجميل الممتع الذي يحتم على زائره العودة إليها مرات عديدة .. 

شكرا لك على هذه الصفحات  ،،،

--------------------------

اعجبتني مدونة الدكتور ياسر عبيدون . حيث قرأت العديد من صفحاتها واستمتعت كثيرا واستفدت من محتواها القيم . وعندما كنت اقرأ كنت اتذكر أيام عملي بالجنوب واتذكر أجمل اللحظات التي مررت بها مع صحبة ورفقاء عمل كنا مثل أسرة واحده تجمعنا المحبه والاخاء . شكرا جزيلا دكتور

--------------------------

*مدونة خفيفة كالنكته الذكية..تريح اعصابك وتدهشك بجمال مضمونها..دسمة كصفحات كتاب حياة الانسان يحمل العديد من المعاني..سلسة ويسيرة من يسر كاتبها..واضحة الهدف كوضوح الشمس..*

 *سلمت اناملك..انار الله دربك وجعلك ممن ينفع بهم البلاد والعباد*

--------------------------

عمل جدااااا مميز و خفيف ظل ،،، بوركت ابو عمرو

--------------------------

سرد جميل وأسلوب راقي وبسيط من القلب إلى القلب لأنه قريب من الناس 🌹🌹🌹🌹🌹🌹

--------------------------

نتمنى ان لا تكون اخر كتاباتك دكتور.... مدونه اكثر من رائعه لما تحمله من جمال السرد وصدق المواقف والكم الهائل من النصائح والدروس ... كل التوفيق لك دكتورنا واستاذنا 💐💐💐💐

--------------------------

مدونتك عبارة عن درر في عقد كل درة لها لمعتها وبريقها الخاص ألفاظ سهله وافكار واضحه ومعاني سامية استمتعنا بها جدا واستفدنا الكثير منها و بنفتقد للذتها في الطرح والسرد المشوق .. تمنيت انه ما ينسدل ستارها ابد.

--------------------------

مدوناتك.. إلهام غني وعميق في محتواها.. جليله وعظيمه في مغزاها.. سلسه وبسيطه في سردها.. فاعله ومؤثر في ارواحنا.. لأنها نابعه من مشاعر شخصك الجميل المحب للخير والعاشق للعطاء.. خالص تحياتي وتقديري لك أيها المبدع المتواضع النقي.

--------------------------

من الصعب اعطاء مدونتك (رسالتي) حقها بالوصف ! لقد حملت لنا العديد من الرسائل بين طياتها ، رسائل في بعض الاحيان قاسيه وتستوجب ان تكون قاسيه حتى يحدث التغيير الافضل الذي لا طالما كنت تسعى له وتطمح بأن يحققه الجميع في هذا المجتمع . وهناك رسائل صنعت يومنا بضحكه وذكريات جميلة شاركتها معنا وكان لنا نصيب من المشاعر التي كانت بين طياتها ..دائما كل ماهو صادق يصل بسلاسه ودون عناء وهكذا انت كنت ومازلت المؤثر الذي يترك بصمته في كل مايقول ويفعل ونتمنى بأن يستمر عطاءك ونبقى نلهج من خبراتك وفكرك الراقي ..((شكرا لك ))دكتور ياسر .

----------------------------

كيف لا تكون المدونة جميلة ومثرية ومن كتبها الدكتور ياسر عبيدون؟! مدونة رائعة جدا...تعلم الانسان كيف يطور من ذاته..في تعامله مع الآخرين..كيف يضع أهدافه...كيف يستفيد من وقته..تعلم الانسان أن لا يقلل من قيمة نفسه..شيء جميل جدا حفظكم الله في حلكم وترحالكم.... وانا متأكد أن هناك خطوة جديدة من العطاء مثل ما عودتنا و علمتنا..👍👍👍👍 للأمام دائما🌹

--------------------------

للنجاح أناس يقدرون معناه.. وللإبداع أناس يحصدونه.. لذا نقدر جهودك المضنية.. فأنت أهل للشكر والتقدير.. فوجب علينا تقديرك.. فلك منا كل الثناء والتقدير دكتورنا العزيز.

--------------------------

كثيرا ما أمر على مدونتك أقرأ منها و استفيد من تجاربك أجمل ما فيها أنها دائما تعبر عن مواقف في الحياة تعرضها وتستخلص منها الفائدة للقارئ بأسلوب جميل. دمت سالما

--------------------------

المدونة بصفة عامة اقل ما يقال عنها أنها رائعة بكل المقاييس ٠ تتميز باسلوب سهل ممتع يصلح لمخاطبة قاعدة عريضه من فئات المجتمع المختلفة وتعمل عمل السحر في تصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة وغرس قيم الفضيلة في النفوس من خلال دعوة الفرد للتصالح مع نفسه والمجتمع الذي يعيش فيه٠ وهي تستحق أن تستمر فيها مع التطرق الجوانب التي لم يتم التعرض لها خاصة الجوانب الهامة المسكوت عنها في مجتمعاتنا ٠ لك التحية والتجلة أخي الحبيب وزوجتك الرائعة التي تقف من خلفك٠ وحقاَ وراء كل رجل عظيم إمرأة ٠

--------------------------

لم أجد الكلمات التي تصف هذة المدونة الرائعة وما تحويه من قصص جميلة وهادفة. كتبت بطريقة بسيطة ومشوقة. تحوي في ثنايها حكم وعبر لخصها الكاتب لنا من واقع خبرته وقرائاته فوفر علينا قراءة تلك الكتب والخوض في نفس التجارب.. بوركت جهودكم ونفع الله بعلمكم ووفقكم الله.

--------------------------

مدونتك دكتور ياسر بها أسرار حكمتك التي اكتسبتها من سنوات عمرك يسعدني قرأتها ؛ فأنت بمشاركتك لنا تجاربك وسماحك لنا بقراءتها تهدينا حكم مرصعة بالذهب ، انتقيتها لنا بدقة ، وجعلتنا نختصر تجارب كثيرة في الحياة ؛ حتى لانقع بها ، لخَّصتها لنا بمدونتك( رسالتي ) علمتني من خلالها أنه يجب لكل إنسان يحدد أهدافه بالحياة وبعد تحقيقها عليه أن ينشر رسالته فالله خلقنا لإعمار الأرض وعطائنا لايتوقف بتحقيق الهدف شكرًا لك على عظيم فضلك وكرمك

--------------------------

الأربعاء، 17 مارس 2021

شئٌ من ذاكرته ..

سور البيت والطفولة ..

مرت عليه مرحلة الطفولة بسرعة وبدون أحداث كبيرة سوى موت جدته – أم أبوه. ويتذكر النساء اللواتي لبسن العباءة البيضاء والتي كانت رمز الحزن في تلك الفترة. لا يتذكر من اللعب في طفولته سوى سور بيتهم المطل مباشرة على شاطئ البحر. كان يتسلق السور ويقفز في الرمال ويكرر، وفي كل مرة كان يبتسم ويكلّم نفسه بأحلام المستقبل، حتى يشعر بالتعب ويتوقف وبهذا يكون أنهى لعبه.

 

صالة التزلج

كانت صالة بيتهم مفتوحة على الجهة البحرية، وكانت بطول تقريباً 15 متر وعرض 3 أمتار. كانت تُكسَى سنوياً بطربال، يختلف لونه ونقشته من سنةٍ لأخرى. المهم تلك الصالة تتحول في الشهرين الذين يسبقان فصل الخريف إلى صالة تزلّج، بسبب الرطوبة الشديدة في تلك الفترة. فالتزلج هي رياضة الأطفال، فيمارسوها برغبتهم، بينما الكبار فغالباً تكون رياضة إجبارية أو بالأصح تزحلق بدلاً من تزلج!.

 

 

أول عمل يدوي

كبرَ الطفل وأصبحَ صبّي يتعلم في المدرسة، وأثناء تشّييد بناء بيتهم بالطراز الحديث، إهتمَ وحبَّ الصبي التعليم لدرجة أن أول عمل يدوي قام به هو سبورة، صنعها من بقايا الأخشاب والمسامير أثناء التشييد. ما زال يتذكر تلك السبورة التي علّم نفسه وعلّم أطفال الجيران كل ما استعصى عليهم من دروس في اللغة العربية والعلوم والرياضيات. هل كان ميوله ورغبته أن يكون معلماً؟ لا أحد يعرف، حتى هو نفسه!.

 

شاي أمه وخبزها

قد ينسى الصبي أمور كثيرة وأحداث كبيرة في صباه، لكن شاي أمه، فلا. لم يكون مجرد شاي، بل كان غذاء متكامل بالنسبة له. كان الوقود الذي سوف يستهلكه في المدرسة. كانت تبرّده له حتى لا يلسع لسانه. كانت تستخدم كوبين وتصب الشاي من كوب لآخر وتقول له: تعال إشرب الشاي الحين صار دافئ. كانت أمه نشيطة وسعيدة بما تقوم به. كانت عيناها توحي بالفخر بهذا الصبي الذي تخدمه في كل الأوقات. وكان الصبي يعرف أن أمه مريضة فقط عندما تربط على رأسها!.

أمه تعشقه، لدرجة أن بقية إخوته يلاحظوا ذلك. وتبحث عن كل ما يسعده وتعامله على أنه طفلها المدلل رغم تعديه الخمسين ربيعاً!!. يحب خبزها وعرفت ذلك. صارت كل أسبوع تعجن وتخبز له خبزتين. في أحد الأيام، لم يزرها في ذلك اليوم الأسبوعي، أرسلت أباه وقالت له: خذ هاتين الخبزتين وأعطيه له، مسكين ما عنده خبز هذا الأسبوع!! وطرق الأب باب بيت الابن وقال: هذه من عند أمك!! وكما قال محمود درويش في خبز أمه شعراً، كذلك ذلك الشاب يعشق أمه وخبزها.

 

تدريس الأطفال والشيّاب ..

وعندما كبر وصار عمره تقريباً ستة عشر عاماً، إهتمَ بالمحافظة على الصلاة في مسجد الحارة وأيضاً قراءة بعض الكتب المتواجدة في رفوف المسجد مثل كتاب رياض الصالحين وكتب الترغيب والترهيب وغيرها. وبدأت رغبة تدريس الآخرين في ذلك العمر وأخذ يجمع أطفال الحارة ويجلسهم في حلقة ويبدأوا قراءة القرآن. وكذلك إهتمَ بتعليم الشيّاب قراءة سورتي الفاتحة والإخلاص والمعوذتين والصلاة الإبراهيمية. كان فخوراً جداً بما يقوم به لهؤلاء الأطفال والشيّاب – رحمهم الله جميعاً.  

 

تنظيف المسجد

لم يكتفي بتعليم الآخرين في ذلك المسجد الصغير بل حرص على تنظيفه صباح كل يوم جمعة. اِختارَ ذلك التوقيت لأنه كانت إجازة نهاية الأسبوع يوم واحد وهو يوم الجمعة وبحيث لا أحد يعرف ما يقوم به ظناً منه احتساب الأجر من الله. يتجه في ذلك الصباح ويستخدم المكنسة الكهربائية المتوفرة في المسجد في التنظيف. أحبَّ الصبي المسجد لدرجة أنه يقضي فيه وقت أطول من غيره ممن هم في عمره من الصبية.

حياة الجامعة

طلعت نتائج الثانوية في الجرائد والراديو. في يوم النتائج تتحول الحارة إلى عُرس. الجميع يفرح للناجحين ويقدموا لهم التهاني والتبريكات بقلوب صافية. يستعد الطلبة المقبولين للسفر والإلتحاق بالجامعة. تعرّفَ الشاب – صار عمره تسعة عشر- على أصدقاء جدد من منطقته ومن كافة أنحاء بلاده. يقول الشاب إنها كانت فترة ذهبية من حيث الصداقة بشباب يعتبروا نخبة البلاد. ويفتخر بأنه ما زالت تلك الصداقات حية إلى يومنا هذا.  

 

الوظيفة التي لم يتقدم لها

انتهت دراسته الجامعية بنجاح ويسر. بعد أن أخذ إفادة تخرجه وتنفّسَ الصعداء، أخلدَ إلى راحةٍ وقررَ أن يظّل كذلك لعدة شهور. وأثناء فترة الراحة، رنَّ تلفون بيتهم – تلك كانت الفترة الذهبية لهاتف البيت الأرضي – آلو، أنت فلان؟، أجاب: نعم. هل قدمت أوراقك في أي جهة للتوظيف؟ أجاب: لا. قال له ذلك الرجل الذي لا يمكن أن ينساه وينسى فضائله: هل بالإمكان أن تأتي إلى مكتبي ومعك أوراق التخرج؟! قال له: أكيد، ولم تستغرق إجراءات توظيفه أكثر من شهر. كان ذلك الشاب العماني الوحيد من بين الموظفين في فئة عمله. يقول الشاب عن ذلك المسؤول أنه بعيد النظر ولديه من الحكمةِ ما تؤهله ليكون مسؤولاً قيادياً من المستوى الرفيع. قال المسؤول للشاب: أتمنى أشوف الدشداشة العمانية في كل الوظائف. ولم يتقاعد ذلك المسؤول حتى تحققت أمنيته!.   

الزواج والسيارة

أقبل الشاب على الزواج. مجرد أن فكّرَ في الزواج، بدأت أموره تتسهل. فكر أن يشتري سيارة جديدة من الوكالة. ذهب إلى أحدى وكالات السيارات في منطقته وعاينَ السيارات وقرر أنه سوف يشتري سيارة من عندهم لكن في شهر رمضان لأن لديهم سحوبات يومية على سيارات – أي كل يوم سحب على سيارة. وكان باقي تقريباً عشرة أيام على شهر رمضان المبارك. قال له أحد موظفي الوكالة: اشتري السيارة اليوم وسوف نعطيك كوبون وكأنك اشتريتها في رمضان!! كان هدفه أن يكسبه ويغريه للشراء. وفعلاً، اشترى السيارة وثامن يوم في رمضان، تلقى عدة اتصالات من الوكالة. لم يرّدْ عليها وفضّلَ أن يتجه مباشرة إلى الوكالة. وجدهم منتظرين مبتسمين على باب الوكالة الرئيسي وقدَموا له التهنئة بالفوز بسيارة!!.

 

اِسمها بالجبس

كانت زوجته وجه خير عليه وما زالت. في أحد الأيام وهي عند بيت أهلها لعدة أيام، استغلها فرصة بأن طلب من عمال الجبس أن يصنعوا قوالب على شكل حروف اسم زوجته الرباعي مع إضافة إنارة عليها على أن تُلصق تلك الحروف في سقف غرفتهما! وفعلاً، أنجزت تلك الفكرة بنجاح وعند وصول زوجته إلى البيت ورأت ما قام به من أجلها، فرحت فرحاً شديداً وأعتبرتها عربون محبة أبدية. وكما قال له أحد أصدقاءه: يعني مؤبد؟!. قال له: نعم، مؤبد!!.

الشايب والدعاء

عندما يشاهد أي رجل مسّن على جانب الشارع، دائماً يقف ويقوم بتوصيله. في أحد الأيام، لاحظَ من بعيد شايب طاعن في السن فوقف له. بدأ الشايب بالصعود إلى السيارة ومن أول لحظة والشايب يدعو له: الله يطّول في عمرك ياولدي. الله يطّول في عمرك ياولدي. وفجأة، قاطعه الشاب وقال له: لو سمحت يا عمي، ممكن تقول الله يبارك في عمرك؟ بدل من طولة العمر؟ لان طولة العمر من غير بركة لا أريدها!!.

 

حكمة أبيه

يمتاز أباه بالإبتسامة الدائمة والصمت الحكيم وإذا نطق في مجال عمله، كأنه بروفيسور وفي مجال الدين، كأنه خطيب. في أحد الايام وهو يجّهز أدواته لدخول مسابقة في مجال عمله، جمعَ ابناءه وقال لهم: أنا سوف أحصل على المركز الأول بإذن الله. قالوا له: كيف؟! قال: لأن لدي طريقة جديدة ليست موجودة عند المتسابقين الآخرين وأيضاً أنا مستعد. وبعدها قال الذي يريد أن يوصله لابنائه: لكي تنجح، ذاكر. وسكت!. وحصل على المركز الأول!.

 

كرم أمه

عادةً، يُضرب المثل في الكرم بحاتم الطائي ويقال "أكرم من حاتم!" وأنا أضيف مثل آخر وهو "أكرم من أمه!". يمكن لأنها قنوعة وبسيطة وتحب الخير للآخرين. ضيفها لا يخرج صفر اليدين، إما بخور أو عطر أو مبلغ من المال وتقول له: هذه للعيال!. وعندها أمر آخر مقدس وهو الجار قبل الدار!. الجميع يحبها، ورغم أنها أصغر أخواتها وأخوانها إلا أن والداها عاشا معاها حتى آخر أيامهما.

في أحد الأيام، عندما دخل عليها ابنها الكبير، كانت أمه جالسه بالقرب من النافذة. وبدأت السوالف بينهما وهي توزّع نظراتها بين ابنها وبين النافذة. سألها الابن: لماذا تنظرين في النافذة؟ قالت: انتظر عامل النظافة وخايفة يمر من غير ما أعطيه نص ريال! وأحياناً تضع للعامل كوب شاي وخبز خارج باب المطبخ. تخيلوا معي بعد هذه المعاملة كيف سوف تكون النظافة أمام بيتهم!!.

 

اِختارَ التقاعد

تقاعدَ بعد 26 سنة قضاها بين تلميذ على يد أحد الخبراء ومدير على موظفين تعامل معهم على أنهم إخوانه الصغار. حاول أن يطورهم ويسعدهم ويشعرهم بأهميتهم من خلال توفير النصح في مجالات العمل والحياة الإجتماعية وتطوير ذواتهم. حاول، ولا يعرف مدى نجاحه في ذلك. حاول أيضاً تطوير ذاته بأن اِهتم بالتعلم الذاتي في مجالات التقنية وادخالها في تحسين الأداء العملي. بعد تلك المدة، اِختارَ أن يتقاعد، خاصةً بعدما شعرَ أن دوره انتهى وأن المسؤولين الجدد لديهم القدرة على إدارة العمل باقتدار. عندما عبّرَ بعض الموظفين عن مشاعرهم بعدما سمعوا عن تقاعده، شعرَ أنه ترك في نفوسهم أثر وحمد الله على ذلك.    

 

وبعد موته

كبر ذلك الطفل والصبي والشاب والرجل وحاول أن لا يكون زائداً على الدنيا. مات بعد مراحل مختلفة من الحياة حاول أن يعطي قدر المستطاع لأهله وأصدقائه وكل الناس. مات ولا يعرف هل أعطى ما فيه الكفاية أم أنه قصّرَ في حق أمه وأبيه وأخوانه وزوجته وأولاده والناس أجمعين. لكن المعروف عنه أنه كان يدعو للناس كافة، من أبينا آدم إلى يوم القيامة، بالخير. مات وإنا لله وإنا له راجعون وقالوا عنه أنه كان رجل طيب.

 


الاثنين، 15 مارس 2021

رحلتي إلى أسبانيا ..


كانت الرحلة بشهر فبراير من عام 2008م في مهمة عمل لمدينة فالنسيا الأسبانية. تعتبر هذه الرحلة من أجمل رحلاتي والسبب هو الصحبة الطيبة. شاركني الرحلة كل من المهندس بدر بن سيف البارحي والدكتور محمود بن صالح الأنصاري. نعتبرها رحلة عجيبة لأننا حافظين كل تفاصيلها من أول لقائنا في المطار وحتى العودة وممكن كل واحد منّا يسردها على حِده بنفس التفاصيل. وسبب آخر لجمالها هو التناقض الواضح والمثير والمدهش بين بدر ومحمود!!

بدر من النوع الحريص وممكن يتواجد في المطار بخمس ساعات قبل الرحلة بينما محمود ممكن يوصل والطائرة قد أقلعت!!. وهذا الذي صار. نعم، راحت علينا الطائرة!!. قبل أن أخبركم كيف راحت علينا الطائرة، أود أن أقول لكم أنا وبدر نتقابل لأول مرة ولم نكن نعرف أشكال بعض من قبل. طبعاً كان اللقاء مثل الأفلام الهندية وعليكم أن تتخيلوا الموقف!!.

نتصل بمحمود ونحن في المطار ونسأله: أين أنت يا محمود؟ يجيب: أنا في الطريق حالاً تحركت من البيت. كلام جميل لكن أين بيتهم. البيت طلع في ولاية المصنعة!! ومافي داعي أذكر تفاصيل القلق الذي انتابنا أنا وبدر ونحن نرى بأعيننا إغلاق كاونتر الطيران الألماني. وصل الحبيب محمود وحاولنا فيهم على أساس أن الطائرة ما زالت متواجدة في المطار ولكن بدون جدوى. من ضمن الحوارات الجميلة والمضحكة التي حدثت في المطار أن بدر قال لمحمود: المشكلة الآن كيف نرجع للأهل ونحن قد ودّعناهم بالبكاء والعويل!!. المهم، فكرنا في حل آخر وهو أن نحجز في طيران آخر إلى مدينة دبي وبعدها نلحق بالطائرة الألمانية هناك. وقمنا بذلك ونجحنا. وصلنا إلى مطار فرانكفورت ترانزيت – كان الجو ثلج والناس في المطار كما يُقال عنهم عبوسين – لكني في رحلة أخرى إلى مدينة برلين الألمانية وجدت الناس هناك في قمة البشاشة والإبتسام وليس كما يُقال عن الألمان. وبعدها وصلنا إلى مطار فالنسيا واستقبلنا هناك دكتور مريانو.

لكي لا أطيل عليكم ونحن ما زلنا في تفصيلة المطار. وهناك تفاصيل مع دكتور مريانو والجريدة، والشيخ الكريم في المطعم وكذلك المطعم اللبناني وأكله اللذيذ. وعند وصولنا للفندق الفخم الأول حكاية وعند اِنتقالنا إلى الفندق الصغير الثاني حكاية أخرى. والعودة والشرطة الدولية لنا تفاصيل. المهم رجعت بكنوز من الصداقة الحقّة الخالية من الشوائب. يقولون عندما تثني على شخص: هل سافرت معه؟ إن قلت لا، فأنت لا تعرفه. سافرت مع بدر ومحمود وعرفتهما بقمة الأدب والأخلاق والرقي. وإن كنت تود أن تتعلم أخلاقيات الاحترام، سافر مع بدر أو محمود أو الأفضل أن تسافر معهما الاثنين!!. لكما مني كل المحبة الدائمة والاحترام الوافر والتقدير الجّم.

الثلاثاء، 9 فبراير 2021

خالد وأخباره ..

من يود أن يتعرف على خالد، فليقرأ تدوينة "ماهي أمنيتك يا ابني؟" وتدوينة " هل القراءة هواية؟"

(1)    

قابلت أم محمد وخالد جارتها أم عبدالله - عبدالله في نفس الصف الدراسي مع خالد. وبدأ الحديث عن الدراسة والمدرسة. سألت أم عبدالله: كيف خالد مع الدراسة؟ سمعت عبدالله يقول أن الأستاذ طلب منهم كتابة بحث. ردت أم خالد: نعم، وما شاء الله خالد بدأ يبحث ويكتب البحث. تفاجأت أم عبدالله من رد أم خالد سائلةً: خالد بيكتب بنفسه البحث؟!!. قالت أم خالد: نعم، وبالمحاولة والخطأ سوف يتعلم وخاصة مثل ما تعرفِ، أنه عندما يدخل الجامعة بإذن الله سوف يطلبوا منه كتابة بحوث ومشاريع كثيرة. وبعدها شعرت أم عبدالله بالحزن من تصرف أبو عبدالله وهو يشتري البحث جاهز من المكتبة. لا عبدالله يعرف شيئاً عن البحث سوى العنوان ولا تعلم كيف يكتب بحث والأدهى والأمرّ من ذلك أن عبدالله تعلم الغش والكذب والخداع لأنه يعلم أن المعلم الذي قَبِل أن يستلم البحث منه، يعلم أنه اشتراه من المكتبة!!!. ويا ترى، من المخطئ؟ هل عبدالله أم أبوه أم المعلم؟

 

 

(2)    

لاحظت أم خالد سيارة صغيرة وقفت أمام بيت جارتها أم عبدالله. وإذا بمدرس الرياضيات يخرج من السيارة متجهاً إلى داخل بيت عبدالله. سألت أم خالد باستنكار: هل عبدالله يأخذ دروس خصوصية؟! قالت أم عبدالله: نعم، يأخذ رياضيات وإنجليزي وعلوم وكنا نريده يأخذ لغة عربية لأنه ضعيف فيها لكن لم نستطع مالياً!. ولكي ترد لها السؤال بسؤال استنكاري، قالت لها: وكيف خالد مع الدروس الخصوصية؟!!. ردت أم خالد بهدوء: خالد لا يأخذ دروس خصوصية، فقط يعتمد على نفسه. نعم، في البداية واجهنا صعوبة ولكن بعدها تأقلم وصار يذاكر أول بأول والحمد لله مثل ما تعرفين عن تفوق خالد في الدراسة. وما أعتقد أن جميع الطلاب يأخذون دروس خصوصية. أعرف واحد دكتور عنده أربعة ابناء، الكبير الحين في الجامعة والبقية ما شاء الله عليهم متفوقين. سألت أم عبدالله: والله؟، من هو؟ قالت أم خالد: تعالي أخبرك في أذنك. تفاجأت أم عبدالله وقالت: ما شاء الله عليهم!!.

(3)    

جاء عبدالله بعد صلاة العصر للعب مع خالد كرة قدم داخل حوش بيته. نادت أم خالد بصوت مسموع: خالد، هل قرأت قرآن اليوم. رد خالد: نعم يا أمي، قبل ساعة. لعِبَا وظل عبدالله مشغول البال بخالد وقراءة القرآن حتى قبيل المغرب. وبعد الانتهاء من اللعب، رجع عبدالله إلى بيته وقال لأمه: تصدقين أن خالد يقرأ قرآن كل يوم!. ردت: ما شاء الله عليه،، سوف أتصل بأمه لمعرفة التفاصيل. ومن خلال الاتصال، عرفت أن خالد وأخوانه يقرأون كل يوم ربع حزب من أول يوم في عيد الفطر حيث لديهم خطة بذلك ويستمروا حتى شهر رمضان القادم. بهذه الطريقة، يختموا القرآن في ثمانية أشهر. واتّباع مبدأ، قليلٌ مستمر خيرٌ من كثيرٍ منقطع. أُعجِبت أم عبدالله بالفكرة وأخذت نسخة من جدول الخطة من أم خالد وبدأ عبدالله بقراءة القرآن يومياً.

(4)    

استغرب خالد من تصرفٍ يقوم به أبيه،كلما أَقبَلتْ أخته على أبيه -  والتي عمرها الآن 16 عاماً، يُقّبِل جبينها. وفي أحد الأيام، سأل خالد أمه عن ذلك وقالت له: أما سمعت من قبل أن النبي (ص) كان يُقّبِل ابنته فاطمة بين عينيها كلما جاءت إليه؟. لهذا السبب يفعل أباك، اقتداءً بسنة نبيه. رد خالد: الآن عرفت لماذا ترجع أختي فرحانه عندما تقابل أبي!. للآسف الكثير يغفل هذا التعامل الراقي مع بناته والذي يغرس في نفوسهن العزة والثقة بالنفس وتقدير الذات. خاصةً أن تلك القُبلة يعتبرها الأب رسول محبة وفخر لابنته. ختم خالد الحوار قائلاً: عندما أكبر، سوف أُقّبِل جبين بناتي كل يوم. كانت أم سعيد – إحدى الجارات – حاضرة هذا الحوار الجميل بين خالد وأمه. وبدون تردد، خرجت من عندهم مسرعةً ومتلهفةً لتخبر أبو سعيد وبناتها بذلك. وبعد أول قُبلة بين عيني بنته الكبرى، انهمرت الدموع من عيونهم!.

(5)    

اعتادت أم محمد أن تصل مبكراً قبل أخواتها في التجمع العائلي الأسبوعي. تُقّبِل رأس أمها وتضع عباءتها جانباً وتبدأ الحديث مع أمها. وعادةً أمها تسأل عن خالد قبل أي أحد من أخوانه وأخواته. خالد بالنسبة لجدته مصدر السعادة والحب. تحضنه وتقّبله بعد أن يقّبل رأسها ويقول لها: كيف حالك يا جدتي؟!. فقط كان خالد يسألها عن حالها وهي بدورها تبدأ بالجواب وكأنها تخاطب شخص كبير: الحمد لله، هذا نحن في حبوب الضغط والسكري. قبل يومين أكلت رز كثير وأرتفع السكري لكن الحمد لله، اليوم قست وقالوا نزل إلى المعدل الطبيعي. ذلك السؤال السحري الذي أَسَر قلب الجدة بخالد. عندما سألت أمه عن سر  شغف الجدة بخالد: قالت لها الجدة وهي مسرورة: فديت خالد، يسألني عن حالي. فقط سؤال بسيط الكلمات لكن عميق المعنى وغزير المشاعر. كيف حالك يا جدتي؟ أو بالأحرى، كيف حالش يا حبوبه؟!.

 


الأحد، 31 يناير 2021

البروفيسور السوداني .. جمال الدين عبدالحي

تشرفت بزيارة الأستاذ الدكتور جمال – سوداني أصيل - بإستراحتي المتواضعة مساء الأمس. استمتعت كثيراً بالأمسية والتي كانت مليئة بالذكريات الجميلة معه وخاصة أنه بصدد مغادرة السلطنة بسبب اِنتهاء فترة عمله بالسلطنة. شاركنا اللقاء ابنه الشبل المهندس مازن وصديقي وأخي الأستاذ ربيع البوسعيدي. كنت – خلال فترة العمل – استمتع بمرافقته في الزيارات الميدانية والتي كانت بالنسبة لي فرصة ذهبية لكي أنهل من علمه الغزيز في علوم الزراعة المختلفة. لست بصدد الحديث عن سيرته ولست أهلاً لذلك. لكني اختصر كل الكلام في أن أ.د. جمال يمتاز ببساطة العالم وسرعة البديهة في حل معيقات العمل والقدرة على التعامل المحترم والراقي والمتواضع مع العامل قبل المسؤول. أكاديمي أمين من الطراز النادر في وقتنا الحاضر بمقدرته الفائقة في مجال البحث العلمي.

أول ما يخطر ببال أي شخص عن السودانيين هو اِجتماعيتهم، لا أبالغ أنك ممكن ترى جمع من السودانيين في مستشفى بسبب أن أحدهم به جرح بسيط!!. والسودان بلد العلماء في كافة المجالات وبلد الخيرات، والموارد الطبيعية بها حدث ولا حرج. السودان بلد الطيب الصالح، هذا الأديب الكبير الذي أثرى الأدب العربي والعالمي ومن أشهر رواياته، رواية موسم الهجرة إلى الشمال ورواية عرس الزين. يا لهما من روايتين!! واللتان يعدان من أشهر روايات الأدب العربي. ذكرت هاتان الروايتان متعمداً أستاذي العزيز للذكرى، لقد تناولناهما في أحد لقاءتنا!.

لن أتحدث عن المعلم السوداني المبجل الأستاذ صلاح – رحمه الله – لأني ذكرته في تدوينه سابقة بعنوان " أحمد شوقي كان يقصد الأستاذ صلاح". أختم بعلاقتي بأحد السودانيين في أستراليا – الشيخ أحمد الطاهر. كان إمام المصلى في المدينة الجميلة جاتون الحريص على حلقات الذكر وقراءة السيرة النبوية. كان في قمة الاحترام والتواضع والرقي. عندما فكرت بتأسيس مركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، كان السند الدائم والمعلم الناصح. تحقق ذلك الهدف في زمن قياسي وقمنا بتعليمهم اللغة العربية وكلنا فرح وسرور ونحن نسمع لغتنا على لسان الغير عربي. هكذا هو السوداني، أينما حل وارتحل، يترك بصمته الخلوقة وأدبه الجم وعلمه الوفير لكي يتدفق للأبد!.

لك مني التحية والتجلة والتقدير أستاذي العزيز. ستظل نبراساً يضيء دائماً في قلوبنا وعقولنا. في أمان الله. 




الخميس، 28 يناير 2021

لفت إنتباهي (14): داود الجلنداني وساقية العادي


كنت أقرأ رواية "موعد في بغداد" لأجاثا كريستي الكاتبة المعروفة والمتخصصة في عالم الجرائم، فتذكرت صديقي داود الجلنداني. أول لقائي بداود كان في أستراليا بمدينة بريسبن مقابل بيت الإيمان، هكذا كانوا يطلقون على البيت الذي يقطنونه هو ومجموعة من الشباب العمانيين الطيبين. انطباعي الأولي عن داود كان في محله، مؤدب ومحترم ومثقف. وهذا ما لفت انتباهي نحوه. قابلته عدة مرات في عُمان وكل مرة أقابله فيها، أشعر أن تفكيره أكبر من عمره. – ما شاء الله.

من اللحظة الأولى توقعت داود يدرس ماجستير لِما لمسته من نضاجة عقله ونباهته بينما إتضح أنه يدرس بكالريوس في علم الجريمة. وتوقعت أيضاً إن كل الجهات سوف تتهافت على توظيفه - لما يمتلك من شخصية متفردة – وهذا الذي حصل بالفعل. ولم استغرب عندما عرفت أن داود أديب يجيد كتابة القصص والخواطر. وأصدر لاحقاً مجموعة قصصية بعنوان "ساقية العادي". وإذا توقعت أي شي جميل في داود، سوف تجده فيه بسهولة ولا أبالغ!!.

بدأتُ أقرأ مجموعته القصصية وكلي شوق لمعرفة الجانب الخفي من شخصيته - داود الكاتب -  الذي لم أكن أعرفه هناك .. العنوان مبهر وكلما اِنتهيت من قصة تشوقت للتي تليها .. أعجبْتي يا داود في التفاصيل الصغيرة عندما ملأت حبل الغسيل بالأمنيات .. ويا لها  من وصية  في ساقية العادي !!.. بل ساقية العادي كلها يا لها !!!.

أن تكون مريضاً.. أثبّتَ فيها أنك كاتب مبدع.

رسيل دورة روي .. ربما تكون القصة الوحيدة التي بها شخصيات عدة .. أعجبتني الفكرة وأوصلتها حتى باب عقلي بسهولة ويسر.

الدَّين .. حال مؤسف نعيشه في أيامنا هذه .. ومَرَّ سريعاً  شريط دور العامل الأجنبي في الخريف .. صرنا مدانون حتى سياحياً.

شهد الحياة .. تظل وفياً طالما حافظت على أحزان نبضات قلبك خلال ما يدور حولك من أحداث، أحياناً ترغمه على زيادة دقاته. 

إجازة مرضية .. أخذ إجازة مرضية لأنه لا يعيش الآن بل المستقبل المبهم.

البرواز .. أبدعت في توصيل ما بذاكرته وما بذاكرتها .. نعم، مختلفان !.

خطر ببالي سؤال، هل سوف يكتب داود يوماً ما في مجال الجرائم؟!. ختاماً يا داود، معرفتي بك أثقلَ رصيدي الإنساني والأدبي والأخلاقي. تقبل احترامي.

الثلاثاء، 12 يناير 2021

حفل تخرج الدكتوراه والمنصة

قلعت الطائرة من صلاله إلى أستراليا - هذه التفاصيل ليست مهمة. هذه المرة ليست للدراسة بل لحضور حفل التخرج من جامعة كوينزلاند العريقة. رجعت إلى المدينة الصغيرة الجميلة، جاتون. اِخترت السكن في موتيل في وسط المدينة، بالأصح، لم اَختر، لأنه الوحيد في المدينة!. قابلت هناك الخلوق جداً والكريم جداً والراقي جداً الدكتور عبدالله الحوسني، أبو حمزة – تفاصيل كرم أبو حمزة لا تُوصَف لكي لا أظلمه!!.

رفضت كل وسائل المواصلات السريعة وفضّلت المشي البطئ لكي أُرسّخ كل اللحظات الجميلة التي عشتها في ذاكرتي. مررتُ على المدارس وتذكرتُ عندما كنت أقوم بتوصيل الأطفال والحماس يملأ قلوبهم وعقولهم حباً للدراسة. وعندما مررتُ على المحلات التجارية، تذكرت محل ريجينا، تلك المرأة التي كل همها في الحياة خدمة الآخرين. ولم أطيل تذكر تلك اللحظات لأنني بدأتُ أتأثر. جراج علي العراقي، يا الله على علي! إذا سمعت عن الرجل العربي الشهم، هو علي العراقي!.

حاولت أن أضع بصمات أقدامي في كل مكان وكل شارع إلى أن وصلت إلى البحيرة، ومشيت حولها كما كنت أفعل دائماً. تذكرتُ رحلة التجمع العائلي العماني ولحظات الشواء مع الأولاد. وعلى فكرة، في تلك المدينة الصغيرة جداً مكتبة عامة، إذا دخلها الأطفال يتمنوا لو يجلسوا فيها اليوم بأكمله!!. كفاية تفاصيل عن مدينة جاتون.

الساعة التاسعة والنصف صباحاً يبدأ حفل التخرج. قبلها بساعة ونص، يحضر الطلاب لاستلام لبس التخرج ومعرفة رقم مقعد الجلوس وكيفية التحرك لإستلام الشهادة. حضرتُ الساعة الثامنة والنصف، أخبرتهم باسمي، رحّبوا بي بترحاب حار وبعد استلام اللبس، قيل لي أنني لن أجلس في مقاعد الطلاب! بل سوف أجلس في المنصة. نعم المنصة! قالوا لأن رسالتي للدكتوراه حصلت على جائزة العمادة كإحدى أفضل رسائل الدكتوراه في الجامعة. فرحتي لا توصف لحظتها. وطلبوا مني أن أتجه إلى قاعة ال VIP.

لمحني إيرول – المشرف على دراستي. لم استخدم لقب دكتور قبل اسمه لأنه هكذا كنت أناديه وكل الدكاتره هناك هكذا، بدون لقب دكتور!!. اِقترب مني وسألني عن سبب تواجدي في تلك القاعة والتي ليست مخصصة للطلاب. أخبرته وفرح فرحاً شديداً كاد أن يطير رغم كبر سنه – تجاوز الثمانين – ومسك بيدي ويخبر، بكل فخر، كل من يقابله أنني أحد طلابه وحاصل على تلك الجائزة. لدى إيرول بنتان فقط وليس لديه ابن فيقول لي دائماً: يا ياسر أنت ابني.

قبل الحفل بخمس دقائق، إتجهنا إلى قاعة الحفلة في موكب مكون من أربعة طوابير، وعند وصولنا إلى هناك، فُتِح باب كبير، وقف الجميع ملتفتون إلينا تحيةً وإجلالاً واِحترماً مع موسيقى مليئة بالحماس. شعرت بالفخر مرفوع الرأس كوني العربي الوحيد ليس في الموكب المتجه إلى المنصة وحسب، بل في القاعة بأكملها. حَضَرَت الحفل ريجينا حاملة باقة ورد، علماً بأنه أجريت عملية جراحية لابنتها قبل الحفل بيومين. قابلتني وكأنها تقابل ابنها. ما هذا القلب الذي بداخلك يا ريجينا!. لكي مني كل التقدير والاحترام أيتها المرأة المحبة لخدمة الآخرين وإسعادهم.

أثناء جلوسي في المنصة، راجعت شريط حياتي الدراسية. وبدءْ يومي الدراسي الساعة السادسة صباحاً والناس نيام. كنت أشغّل الإنارة في مبنى الكلية وكنت أقابل عاملات التنظيف وصرنا أصدقاء. كنت أقابل في ذلك الوقت ديفيد، أصلع وبنفس التيشيرت الأحمر الذي لا يغيره ظناً مني أنه عامل أو فني في أحد المختبرات لكن إتضح أنه دكتور كبير وباحث له مكانته في الجامعة. وكنت ألقبه بصديق الصباح الباكر، Early Morning Friend. كنت شغوفاً بالتجارب حتى في أحد الأيام نسيت موعد توصيل الأطفال إلى المدرسة!! لكني اعتذرت منهم على هذا التصرف (ذكرت هذا الموقف في تدوينة سابقة بعنوان المفتاح الثاني عشر، الاعتذار).

بعد الحفل، يأبى العماني إلا أن يكون حاضراً. إتجهت إلى المدينة الرئيسية، بريزبن إلى أخي وصديقي الطيب العزيز أبو عبدالعزيز، الدكتور حسن المهري. قضيت يومين من أجمل أيامي في أستراليا مع صحبة وأخوة وأحبة على مستوى راقي جداً ووعي بالمعاني الجميلة للمحبة والاحترام. أحد أسباب ذلك التقدير منهم يمكن لأني أكبرهم سناً – في تلك الفترة كان معي بعض الطلاب وكنا نُعرف بالشيّاب إلا أن بعضهم – الله يهديهم – يعتبروا أنفسهم شباب وما في داعي لذكر أسماء!.

ليس غريباً على العماني، فمهما شرّق أو غرّب يظل العماني إنسان سامي بأخلاقه الرفيعة. شكراً لكم على هذه الحفاوة وحسن الاستضافة. شكراً لزوجتي وابنائي الرائعين على تحملهم تقصيري نحوهم. شكراً لأمي وأبي على دعواتكما التي أحضى بها من رعاية وعناية وتوفيق من الله عز وجل. شكراً لأصدقائي على مساندتهم لي بالتواصل المستمر وأخصّ - ولا بد أن أذكره - صديقي وأخي أبو حسن. وأكتفي بهذه التفاصيل لرحلة دراسة الدكتوراه والتي بدايتها بالساعة السادسة صباحاً ونهايتها بالمنصة. 

 

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2020

أنا والتقاعد وإتخاذ القرار...

من أهم وأفضل كتب الكاتب الرائع المحفز أنتوني روبنز هو كتاب أيقظ قواك الخفية "Awaken the Giant Within"، تحدث فيه عن عدة عوامل وطرق لشحذ الهمم والوصول إلى القمم. يشتهر أنتوني بمحاضراته ودوراته التي يحضرها أعداد لا يمكن توقعها من كثرتها. بدأ حياته فقيراً كالعديد من المشاهير - على سبيل المثال لا الحصر- مثل ليس براون وستيف هارفي وأوبرا وينفري. من حياة اليأس والتذمر إلى أن بدأ التغيير عن طريق نصيحة أُسدِلت له وهي لكي يتغير عليه بالقراءة. ومنذ تلك اللحظة، بدأ إلى أن وصل إلى أنتوني روبنز المشهور بقوة تأثيره على تغيير حياة الكثيرين من كل أنحاء العالم.

بدأت بهذه المقدمة المختصرة جداً للوصول إلى أحد أهم النقاط التي ذكرها أنتوني في كتابه وهي قوة إتخاذ القرار التي تعتمد على قوة الألم والمتعة. معنى الألم والمتعة يكون حسب مفهومك أنت وحدك. عندما يطغى الألم على المتعة، فبالتأكيد لن تتخذ القرار ومثال على ذلك، تخفيض وزنك، إذا كان ألم ترك الوجبات السريعة والدسمة والحلويات وما شابهها حاضراً في ذهنك الوقت كله وغياب المتعة (النتيجة) وهي جسم رشيق ولياقة بدنية عالية فحتماً سوف تُرَضّي نفسك بحالك وتقنع نفسك وتقول إن وزنك طبيعي وكرشك عادي وصحتك عال العال!.

بالنسبة لي، عندما حان وقت إتخاذ قرار طلب التقاعد، حسبتها يمين ويسار وشفت النتيجة وعشتها وحاولت أجد شئٌ من الألم فلم أجد ووضحت الصورة النهائية بأن إتخاذ القرار مليئ بالمتعة وخالي الدسم أقصد خالي الألم. لم أتردد بعدها وطلبت التقاعد وقُبِلَ الطلب بسهولة وأقبلتُ على الحياة بروح متجددة وأفكار نيرة ومشاعر متقدة وعقبالكم.

 


الأحد، 8 نوفمبر 2020

لفت انتباهي (11): قُصَاصَه من الزمن الجميل.

كنتُ أقرأ في كتاب "حياة طبيب" للكاتب الكبير الدكتور نجيب محفوظ والذي يسرد فيه حياته الدراسية وعلاقته بالطب. الكتاب رائع جداً وإزدادَ روعةً عندما كتب المقدمة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي بدوره انبهر انبهاراً جعلهُ يقرأ الكتاب أكثر من مرة. الذي لفت انتباهي، في بداية الكتاب، كتبَ الكاتب حكمةٌ مأثورة وهي: (إذا لم تكن قد أعطيتَ الناس "نفسك"، فأنت لم تُعطِهم شيئاً!). العطاء اللامحدود الذي وهبه الدكتور نجيب كطبيب للآخرين والذي كلله الله له بالنجاح والتفوق جعله يستخدم تلك الحكمة. وتختلف طرق العطاء من شخص لشخص ومن زمان لزمان.

في أحد الأيام وأنا أُقّلب الأوراق والألبومات والذكريات وإذا بي بقُصَاصَةٍ ورقية صغيرة ذكّرتني بالزمن الجميل. عُمر القصاصه أكثر من 27 سنة. ذكرتني بأيام الدراسة الجامعية الجميلة وبالسكن الداخلي والوحدة السابعة والجناح أ والغرفة رقم 6. سوف أحكي لكم قصتها بإختصار.

لله الحمد والمِنّه، كانت غرفة 6أ تعّجُ وتزدحمُ بالزوار طوال اليوم ولا أُبالغ. أي وقت يخطر ببالك سوف تجد من يزورني إما جائعاً أو مُتضجراً من الدراسة أو مُتخاصماً مع أحد أصدقائه أو ناوياً للسهر حتى الصبح. بعد فترة، وجدتُ نفسي بعيداً عن الدراسة أو بالأصح لم أجد لها وقتاً. فخطرت ببالي فكرة وهي وضع مواعيد للزيارة!. وفعلتها ولصقتها على باب الغرفة وأي أحد عنده ملاحظة، يكتبها. وصلتني ملاحظات كثيرة تطالب بإلغاء هذا الشرط التعسفي - كما اعتبروه. ومن بين تلك الملاحظات كانت هذه القصاصة والتي بعدها قمت بتمزيق ورقة المواعيد واستبدلتها بعبارة: أهلاً وسهلاً بكم في أي وقت J. الخلاصة، العطاء ليس شرطاً أن يكون مالاً، يمكن أن يكون وقتاً!!.




الأربعاء، 7 أكتوبر 2020

أحمد شوقي كان يقصد الأستاذ صلاح



انتقل إلى جوار ربه المعلم المبجل الأستاذ صلاح الخبير التربوي بمدرسة سمهرم الخاصة. "أتيتُ إلى سلطنة عمان لكي أعلم ابناءها.. أشهد الله  أني قد تعلمتُ من ابنائها" مقولته الشهيرة - رحمه الله -  كلما أراد تقديمي في محاضراتي بالمدرسة .. سوف يفتقدك يا أستاذ صلاح كل شبر في المدرسة .. سوف يفتقدك  ابناءك  الطلاب والهاي فايف معهم .. كنت أباً حنوناً للجميع .. وكنت أخاً ومعلماً لكل المعلمين .. كنت  معيناً ومرشداً لنا في مجلس الأمناء .. سيفتقدك  كل ولي أمر لِماَ يلقاهُ من احترام وحفاوةٍ وابتسام .. حينما تلقاه يغمرك بالترحاب وكأنه لم يقابلك من سنين .. ما هذه الأخلاقيات الرفيعة! أيها المربي الجليل .. سوف أفتقدك كثيراً ..  سوف أفتقد كلماتك وإنصاتك ودماثة أخلاقك .. عزاؤنا هو أثرك الطيب الذي تركته في نفوسنا ونفوس ابنائنا .. ستظل خالداً كتربوي من الطراز الرفيع وكمعلم أحبه الجميع وكأنسان كله إحسان .. أسأل الله العلي القدير أن يغفر لك و يرحمك ويسكنك فسيح جناته ويلهمنا الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وعندما قال الشاعر الكبير أحمد شوقي:

قم للمعلم وفيّه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا، كان يقصد الأستاذ صلاح .. نعم، كان يقصد الأستاذ صلاح. (نقطة ووضعت القلم وقمت لك يا أستاذي تبجيلا)

 


الاثنين، 28 سبتمبر 2020

إفعل شيئاً مختلفاً .. والتغيير.

مقولة  تُنسَب إلى العالم الفيزيائي الكبير إلبرت أينشتاين، مقولة صحيحة وقوية ومؤثرة. تقول المقولة: "من الغباء أن تفعل نفس الشئ مرتين بنفس الأسلوب وتنتظر نتيجة مختلفة". يبدو أن أينشتاين معصّب على حد، هوّن عليك يا إلبرت!!. إذا جاءت على مرتين فالأمر هيِّن، فما بالكَ بثلاث وأربع وعشر مرات!!. يمكن البعض ينسى أنه يعيد نفس الأسلوب، أو أنه لا يدرك أن ما يفعله خطأ أو ممكن لا ينشد التغيير من أفعاله.

فمن يسعى نحو التغيير، عليه أن  يبدّل أسلوبه لكي يحصل على نتيجة مختلفة، أي إفعل شيئاً مختلفاً. بالمناسبة، هذا عنوان كتاب للكاتب الرائع عبدالله علي العبد الغني. كتاب مبسط وبه معلومات وطرق كثيرة ومفيدة للتغيير. فمراحل تغيير الأسلوب أولاً الاعتراف بأن ما قمت به في السابق كان أسلوب خاطئ ثم التفكير في الأسلوب البديل وبعدها توكل على الله ونفّذ. وهنا لابد أن تكون النتيجة مختلفة، المهم أنها سوف تسعد أينشتاين. من ضمن أحد الأساليب البديلة هي الصدمة. نعم، التغيير بالصدمة.

أَمَا سمعتَ من قبل مثل الجمل الآتية: والله صدمني عندما قال كذا ( غيّر أسلوبه بأن استخدم كلمات مختلفة وغير متعود عليها). والله صدمتني في العرس (غيّرت صديقتها شكلها بالكامل بالمكياج!!). أُخبركم أخيراً وبإختصار قصة الطفل عبدالله – بالصف الأول الإبتدائي – كيف تغّير بالصدمة. عبدالله كان يكره المدرسة ويبكي يومياً من أول ما يستيقظ وحتى وصوله إلى المدرسة. أمه تجبره أن يذهب إلى المدرسة وسائق الباص ومشرفة الباص والمعلمة كلهم يعاملوه بالأوامر وعليه أن ينفّذ. وفي أحد الأيام عندما توقف الباص ليركب أحد الطلاب، هرب عبدالله من الباص وصار يجري ويبكي. وعندما سألوني ما الحل؟ قلت لهم أن الطفل بحاجة إلى صدمة!! إنصدموا أهله!! وأنا إنصدمت من صدمتهم!!. عموماً وافقوا بالصدمة وهي أن يقولوا لعبدالله لن تذهب إلى المدرسة بعد اليوم حتى نحل مشكلتك مع المدرسة. استبدلنا عبارة إذهب إلى بعبارة لن تذهب إلى المدرسة وسوف تجلس مع جدتك في البيت. طبعاً اِستغرب الطفل وصمت لبرهة وفرح فرحاً كأنه تخرج من الجامعة. وبدأ يضحك على إخوانه، وإخوانه بدأوا يغاروا منه. يوم ويومين على نفس الحال. بدأ القلق يساور أهله خوفاً من أن يعجبه الوضع ويترك الدراسة أو على الأقل تتراكم عليه الواجبات المدرسية. قلت لهم الطفل بعده في الصف الأول وليس الصف الثاني عشر وأصبروا أيام قليلة أخرى. في اليوم الثالث، قال عبدالله لأهله إنه سوف يذهب إلى المدرسة وإنه مشتاق لأصدقائه وللمعلمة. طار الجميع من الفرح وأنا أولهم!!.

تغيّر عبدالله إيجابياً في المدرسة والبيت. الخلاصة، هي أن الذي تغيّر ليس عبدالله. الذي تغيّر هو أهل عبدالله وسائق الباص والمشرفة والمعلمة. إذا تغيّر الكبار فسوف يتغيّر الصغار. وأعتذر على الإطالة.    


الجمعة، 18 سبتمبر 2020

لفت إنتباهي (10): طه حسين .. والإستحقاق

كتاب "الأيام" بأجزائهِ الثلاثة لعميد الأدب العربي طه حسين من أمتع ما قرأت. جمال التعبير وبساطة اللغة وصدق السرد من السمات السائدة في الرواية. الكتاب يُصَنّف على أنه من كتب السير الذاتية حيث كان يسرد فيه قصة حياته. الذي لفت انتباهي هو رغم أنه كتاب سيرته الذاتية إلا أنه استخدم ضمير "هو" بدلاً من "أنا". استخدم عبارات مثل كان الصبي وكان الفتى، الصبي والفتى هو طه حسين نفسه. استخدم ضمير أنا عندما وجدَ نفسه أنه يستحق إحدى البعثتين الدراسيتين إلى أوروبا وبالتحديد إلى فرنسا. أظهرَ قدراته وامكانياته واستحقاقه للبعثة الدراسية في ثلاث رسائل، تم رفض الأولى والثانية وجاءته الموافقة بعد الرسالة الثالثة.

يغفل و/أو يتغافل أو بالأصح يجهل و/أو يتجاهل بعض المسؤولين عن قدرات ومهارات الكفاءة لدى بعض الموظفين لديهم. إما بسبب عدم قدرة المسؤول على اكتشاف تلك القدرات، وغالباً يكون هذا المسؤول من النوع الإداري وليس القيادي. وإما بسبب عدم قدرة الموظف نفسه من إبراز قدراته، وهذا النوع يحتاج إلى تعزيز ثقته بنفسه بالتشجيع والتحفيز وتسهيل البيئة المناسبة لإبداعاته. وإما لسبب ثالث لا أعلمه. هنا يحق للموظف ذو المهارات أن يستخدم ضمير أنا، كما فعل طه حسين لأنه يستحق ذلك!.

بالنسبة للقيادي، ولكي لا أطيل عليكم، أذكر لكم صفة واحدة تميزه عن الإداري. القيادي ليس مسؤول مسؤولية مباشرة عن النتائج، القيادي مسؤول عن الناس المسؤولة عن النتائج. ثق تماماً أن النتائج سوف تكون على ما يرام طالما الموظفين وجدوا منك الاهتمام والتقدير والاحترام. ولأني أُعجبتُ بهذه المعلومة باللغة الإنجليزية  وأعرف أنه ليس المقام لذكرها بهذه اللغة في حضرة عميد الأدب العربي إلا أني سوف أذكرها وأعتقد أنه سوف يسامحني!.

 Leaders are not responsible for the results. Leaders are responsible for the people who are responsible for the results. 

السبت، 12 سبتمبر 2020

من مقومات الأسرة الناجحة

فرغتُ في الأيام القليلة الماضية من قراءة رواية "السعادة الزوجية" للروائي الكبير ليو تولستوي والتي أبدع في وصف الكثير من العواطف والمشاعر الإيجابية بين الزوجين وصفاً دقيقاً جميلاً، ورغم فارق السن الكبير بين الزوجين، لم تخلو أحداث الرواية من تقصير في التعامل من قِبل الزوج لزوجته مما أدى إلى فتور في جزء من حياتهما الأسرية. تذكّرتُ حينها  ما قاله أحد المشاركين في أحد المنتديات الأسرية بمحافظة ظفار عن مقدرة الشباب لتكوين أسر ناجحة مستقبلاً وذكرَ حينها نسبة كبيرة جداً - لن أذكرها لضخامتها - غير قادرة على ذلك.

أساسيات تكوين أسرة ناجحة مبنية على المحبة والتسامح والاحترام، وبعد ذلك تكتمل المقومات الأخرى لحياة سعيدة.  ولأهمية مهارة الكلام الإيجابي والمدح والثناء، حكىَ الدكتور جاسم المطوع – أحد المتخصصين الرائعين في مجال الأسرة – قصة امراة طلبت منه كونه قاضي أحوال شخصية الطلاق من زوجها مع أنها ذكرت قائمة طويلة عريضة من صفات إيجابية بحق زوجها. وقالت في النهاية أن السبب وراء ذلك هو أنه لا يُسمِعُها كلام جميل طوال فترة زواجهما – 15 سنة. فتفاجأَ دكتور جاسم وطلب مقابلة الزوج وأخبره ما جاءت به زوجته وطلبها. فأعترف الزوج بذلك وقال: فعلاً لم أُسمِعُها كلام جميل لأني لم أتربى على ذلك. أخرجَ الدكتور ورقة وكتبَ له فيها جدول مدح وثناء على إبتسامتها وطبخها ولبسها وشعرها لمدة أسبوع. ثم استدعى بعد ذلك الزوجة وقال لها: تعالي بعد أسبوع أطلقكي من زوجك. قال الدكتور جاسم: لم أراهما منذ تلك اللحظة!!.

ختاماً، مهارات الذكاء العاطفي – دانيال جولمان أشهر من كتب في هذا المجال - المتمثلة في مهارات التواصل الفعال مع الآخرين من أهم مقومات الأسر الناجحة. وهذه المهارات مكتسبة ليست حكراً على أحد بل للجميع، اعرفها ومارسها ثم تصبح جزء منك وتصبح قادراً على تكوين أسرة ناجحة.

 

الخميس، 3 سبتمبر 2020

لفت إنتباهي (9): امرأة تعيش بالشكر


لفت إنتباهي (8): الشاعر الأنيق .. عيسى جعبوب

الكتابة عن الشعراء ليس بالأمر السهل وذلك لما يمتازوا به من قدرات شاعرية عفوية وشعورية إبداعية وملكات تجعلهم يرتجلون الشعر إرتجالاً بلا كلفٍ أو تكّلف. فيصعب عليك الإلمام بكل جوانبه الإبداعية لكن الذي لفت إنتباهي في الشاعر الأنيق عيسى جعبوب هو قدرته على توصيل وصياغة المشاعر الوطنية التي تجول بخاطر أي فرد في هذا المجتمع بكلمات تحمل الكثير من المعاني ذات رقي وفخر وعزة. أبدعَ وتصدّرَ في الكثير من المناسبات الوطنية والإجتماعية، فأنتجَ العديد من الأوبريتات والأغاني الوطنية التي تملأ قلبك وطنية وعقلك بمشاعر الفخر.
لكوني أعرف عيسى عن قرب، هو فعلاً أنيق بكل حالاته، إبتسامته لا تفارقه، أدبه الطاغي يخليك تحترمه وأسلوبه الهادي في النقاش يجبرك على الإنصات له. عيسى أنيق بفكره لطالما يمتلك المقدرة على ربط الكلمات بهذه السهولة. وأنيق بمشاعره لطالما يمتلك المقدرة على توصيلها لنا بهذه العذوبة. شاعريتك يا عيسى لا يختلف عليها إثنين أيها المبدع عندما نسمع قصيدة الزعامة وقصيدة فجر الزمان وأيضا قصيدة تزهو الغبيراء. نعرف من خلالها انك عاشق الوطن.    
ومن إبداعاته الشعرية، قصيدة ظفار المحبة. والتي لحّنها الفنان الكبير أحمد غدير وتغنّى بها الفنان سعيد كشوب. جمال القصيدة في الوصف التسلسلي لظفار، فبدأَ بسِر جمالها وهو ترابها ثم عرّجَ على مزهرياتها ومروجها وحتى فراشاتها. الماء واللبان لم ينساهما. جميل ربطه حب ظفار بالوتين الذي هو عرق الحياة، إلى أن وصلَ الى حزن مفارقها. فعلاً أيها الشاعر الأنيق، ظفار الحب والعشق والهيام. أبدعتَ بنسج كلماتها واللحن والأداء بهما شجن ظفاري أصيل. سمعتها عدة مرات لعذوبتها. زادك الله ألقاً على ألقك. وفخورٌ بمعرفتك أخي العزيز. 

الأحد، 2 أغسطس 2020

لفت إنتباهي (7): مجلس إشراقات ثقافية.


أقام بالأمس مجلس إشراقات ثقافية العماني أمسية شعرية من الطراز رفيع المستوى. الذي لفت انتباهي هو أسماء الشعراء المشاركين والذي يجعلك - بدون شك – أنك سوف تستمتع بما يجول به خاطرهم من إبداعات شعرية. ولفت انتباهي أكثر هو من يدير الأمسية الإعلامي الكبير الأستاذ عامر العمري. ولأني أعرفه عن قرب، فهو من دون مبالغة، محترم ومتواضع وراقي.

مبدئياً، لا أقرض الشعر ولكني أتذوقه - كما كتبت في إحدى التدوينات السابقة عن المتنبي. اِستمتعت كثيراً بما سمعت من أمسية شعرية هادئة تدل على إننا في عمق الشعر ولا يصل إلى هذا العمق سوى الشعراء الذين يتنفسون شعر .. وأنتم كذلك. 

الشاعر/ علي العامري:

وصف جميل لنمط حياة في ضلكوت وضلكوت تتذكرك دائماً عند أول كلمة من أي قصيدة تقرضها.

الشاعرة/ عائشة السيفي:

 يا سيدة الشعر، يحق لك أن تقطفي النجوم طالما تقطفين أبيات الشعر بهذه السلاسة.

الشاعر/ يوسف الكمالي:

تخاطب البحر.. ونحن أيضاً نخاطبك: يا بحر..

الشاعرة/ وفاء الرحماني:

تصفين الكادحات لابد أنك تملكين قلباً كبيراً يسع الجميع يا بنت القيروان.

الإعلامي/ عامر العمري:

أنت الشاعر الخامس في هذه الأمسية أخي العزيز .. تنساب مفردات اللغة عذبة سهلة نثرية كلها جميلة وموزونة كأبيات شعر.

إدارة مجلس إشراقات ثقافية:

ما هذا التألق! .. نُضُجْ ما عهدناه .. يخالف قوانين التدرج .. تبدون وكأنكم مستعدون للوصول إلى القمة قريباً.. تحياتي لكم.

سؤال يطرح نفسه، هل سوف تشهد الساحة العمانية مجالس أخرى في مجالات أخرى؟!

الأربعاء، 29 يوليو 2020

لفت إنتباهي (6): الدهاريز أم الدهاليز؟!!



كنت أتصفح إحدى المقالات من أرشيف مقالات مكتبتي المتواضعة، كُتِب المقال قبل 125 سنة (1895م). المقالة عبارة عن 29 صفحة كتبها الرحّالة "ذيودور بنت" عن رحلته من مسقط إلى ظفار في فترة حكم السلطان فيصل بن تركي. وصف الكاتب تفاصيل الرحلة وصفاً ممتعاً، تحدث مثلاً عن أشجار اللبان وكيفية حصاده وتجارته. ووصف أيضاً بعض النباتات التي تشتهر بها ظفار في تلك الفترة. دربات وشلالاته وخور روري وحكاياته نالت أيضاً نصيب من الوصف الدقيق في المقالة. توقفوا خلال رحلتهم في مرباط وطاقة ورزات والبليد والرباط والحافة وريسوت وغيرها.

لستُ هنا لذكر التفاصيل ولكن ما لفت انتباهي في الخارطة المرفقة مع المقال هو اسم الدهاليز مذكور بدلاً من الدهاريز الذي نعرفه اليوم. بحثت في المعاجم عن معنى الدهاريز والتي مفردها دهريز ولم أجده لكن ما هو متداول قديماً محلياً أن الدهريز هو الغرفة. بينما وجدت معنى دهليز وهو المدخل أو الممر بين الباب والدار. كما مرَّ عليَّ بهذا المعنى كثيراً في عدة روايات قرأتها من بينها رواية "بوليكوشكا" للروائي الروسي ليو تولستوي. فهل تلك المنطقة - التي أُحبها لأنها منطقة صديقي وأخي العزيز أحمد - اسمها الدهاريز أم الدهاليز؟!.

 

السبت، 11 يوليو 2020

للرجال فقط .. هل لديك كهف؟

يعتبر كتاب "الرجال من المريخ والنساء من الزُهرة" الذي ألفه الكاتب جون جري من أهم الكتب التي يُنصح بقراءتها - المتزوجون والمقبلون على الزواج. بشكل عام، الكتاب يوضّح الفروقات بين الرجل والمرأة وأهمية معرفة تلك الفروقات حتى يتقّبل كل منهما الآخر. من صفات الرجل وسلوكه - عكس المرأة - أنه يحب الانعزال للتأمل والتفكير لذلك يتجه إلى كهفه وإذا المرأة لا تعرف ذلك، تشّب الخلافات والزعل، لماذا جالس وحدك؟ ولماذا منعزل؟ أكيد زعلان. هو في الواقع ليس كذلك وانعزال الرجل ليس مرض نفسي أو زعلان أو طفشان. أتركيه، إنه يتأمل، إنه يفكر.

وخير مثال على ذلك، كان الرسول (ص) كما ذكر الكاتب محمد حسنين هيكل في كتابه "حياة محمد"، ينفرد بالجلوس في غار حراء للتأمل والتفكير بعيداً عن ضجة الناس وضوضاء الحياة.

 زمان في ثمانينات القرن الماضي عندما كنت أزور جدي وجدتي – رحمهما الله، كانت جدتي تقول لي أطلع وسلّم على جدك. أطلع فوق السطح حيث توجد غرفة تسمى "المحلة" – كبار السن مثلي يعرفوا هذه الغرفة - هي في الواقع كهف جدي ينعزل للتأمل والتفكير. أدخل بكل هدوء وكنت حينها أشعر وكأني قطعت عليه حبال أفكاره. عموما رغم هذا الشعور إلا أني أكرر زيارته وأقطع تفكيره  لأجل عطيته التي يهبها لي. المهم ، وأنت أيها الرجل، هل لديك كهف في بيتك أو حتى خارج بيتك تنفرد للتأمل والتفكير؟ بالنسبة لي طبعاً عندي كهف في بيتي!!.

 

الأربعاء، 1 يوليو 2020

المعنى والرموز .. والبيت القديم



  في إحدى قصصه القصيرة، بدأ الكاتب الكبير نجيب محفوظ بالآتي: " تم الهدم وبقيت الأنقاض. تجلت أرض البيت القديم مساحة شبه مربعة في الفضاء خالية من أي معنى وبلا رموز" .. هذا هو حال بيوتنا القديمة كما وصفها نجيب محفوظ لكنهم مشكورين تركوا لنا الأشجار كرموز، فبيتنا يبعد 25 متراً جنوب غرب شجرة بيذام العم رجب. تلك الشجرة التي ما زالت تثمر رغم بُعد أهلها عنها. نعم صارت وحدها مكشوفة لكل عوامل التعرية إلا أنها صامدة تواجه الوحدة والبحر والمطر والسيارات.

عند ذلك الموقع بالضبط، تتجلى المعاني يا عم نجيب لأنها محفورة في الذاكرة كالحفر في الصخر. لكن إذا أزالوا الرمز، ماذا يحدث؟ هل تعتقد أن المعاني تتلاشى؟ وتتلاشى الخطوات؟ وتتلاشى صور الطيور وصوت البحر؟ قد تكون هناك فرضية العلاقة الوطيدة بين الرمز والمعنى في حالات كثيرة إلا في حالة البيوت القديمة، فإنها تبطل تلك الفرضية.

 ها نحن الآن نبعد عن المكان والرموز ورغم الهدم ورغم طمس كل البيوت ورغم إزالة أي أثر لها، ما زلنا نتذكر تفاصيل التفاصيل. ومازالت تلك الصور والأصوات في الذاكرة حاضرة وفي الأذهان راسخة وفي القلوب عامرة. ستظلين أيتها البيوت بألوانكِ وبأبوابكِ ونوافذكِ في عقولنا ثلاثية الأبعاد ما دمنا أحياء!!.

 

الجمعة، 28 فبراير 2020

لفت إنتباهي (5): عماد عبيدون .. من التفكير إلى الإنجاز


  بدايةً، أبارك للمبدع عماد بن عبدالله عبيدون على التكريم وحصوله على الميدالية الذهبية على مستوى الشرق الأوسط في المعرض الدولي الثاني عشر للإختراعات بالكويت عن مشروعه، معالجة مخلفات المياه كهروكيميائياً. إنجاز نفتخر به كعمانيين.

 الذي لفت انتباهي هو قدرة عماد على إخراج الأفكار من حيز التفكير إلى الشروع في عرضها بشكل ملفت ومقنع ومميز. أفكار عماد المتقدة تحتاج إلى دعم لتصل إلى مرحلة التحليل وثم إلى مرحلة التنفيذ على أرض الواقع.

 فهنيئاً لنا بهذا الإنجاز، وهنيئاً لعمان بعماد وأمثاله من الشباب الذين يسارعون في إخراج ما لديهم من أفكار وبلورتها على شكل مشاريع تساهم في حل مشاكل قائمة. بإذن الله مشاريعك سوف ترى النور في يوم من الأيام. عماد، سر بخطى واثقة مرفوع الرأس نحو مستقبل مليئ بالأمل والتفاؤل ومزيد من الإنجازات.

الثلاثاء، 31 ديسمبر 2019

... ويبقى النهج القابوسي


قلّب يا مقلّب الصفحات براحتك .. وتوقف عند أي صفحة، فلن تجد إلا نهج .. وتحتار وتبصم بالعشر أنه حكيم وحليم وكريم. 

في صفحات السبعينات، سوف تجد خطاب بألف خطاب مليئ بالحكمة والحنكة وبُعد نظر نحو المستقبل وهو ابن الثلاثين. تلك الفترة، فيها صفحات النور .. "المهم هو التعليم ولو تحت ظل الشجر" .. وتعلمنا تحت ظل الشجر وما هي إلا فترة وجيزة وتعلمنا في المدارس والمعاهد والكليات والجامعات.

 قلّب يا مقلّب صفحات الثمانينات .. فيها عام الشبيبة (1983) .. من منا لم يحفظ نشيد عام الشبيبة؟! .. كنا نردده في المدارس والميادين والحواري .. حفظناه وكلنا وطنية وكلنا تطلّع للآمال وكلنا عز وفخر بأننا عمانيين. وكنا ننتظر خطابك بفارغ الصبر لمعرفة اسم العام .. نعم، كنا ننتظرك يا ابن سعيد. ومن صفحات التسعينات، استخدمت قانون العفو عند المقدرة .. وبلغت ذروة الكرم وعفوت. 

 هل شاهدت صفحات السلام؟ وصفحات احترام الآخرين؟ وصفحات الصدقات وأفعال الخير في كل أنحاء المعمورة؟ وهل شاهدت الشموخ والعزة في محياه؟ لن أستطيع تقليب كافة الصفحات، لكن سوف يبقى النهج المعتدل .. النهج المنير .. النهج القابوسي. حينها لن تحتاج إلى تقليب الصفحات .. يكفي أن تنظر حولك، سوف تجده ونهجه في كل مكان شاهد على حبه لعمان وشعبها بل للإنسانية .. يا ابن سعيد، كلنا نحبك، حبيناك إنسان قبل أن نحبك سلطان .. وكلنا نسأل الله لك الصحة والعافية والعمر المديد.

 

الاثنين، 23 ديسمبر 2019

تصوير الطيور .. وملاحظاتي



اعتدت في هذه الفترة من السنة أن أقوم تقريباً كل سبت بعد صلاة الفجر بالاستعداد والذهاب إلى خور الدهاريز لتصوير الطيور المهاجرة .. لاحظت منذ الوهلة الأولى في الطيور مدى النشاط والحيوية والبحث عن غذائها يجعل الواحد يستحي من نفسه وهو يترك تلك اللحظات المباركة للطيور فقط !!!. 

ومن خلال عدة رحلات، لاحظت بعض الطيور عندما تكون لوحدها تكون ساكنة لفترة طويلة وكأنها تتأمل أو تفكر أو تصلي. وبعض الطيور عندما تكون على شكل مجموعات، أشعر أنها تحب بعضها البعض برغم إختلاف تصرفاتها. فبعضها يغطس وبعضها يرفرف بجناحه وبعضها هادئ وبعضها مشاغب ورغم كل ذلك متعايشة ومتفاهمة ومتقبلة بعضها البعض.

ليتنا كالطيور .. عندما نكون وحدنا، نتأمل ونفكر ونصلي .. وعندما نكون في جمع، نحب ونعيش ونتقبل بعضنا البعض .. لكن ستظل الطيور طيور .. ونظل نحن البشر بشر داخلنا كل خير ونقيضه.. فمن حفّز الخير بداخله، ظهر عليه .. ومن حفّز نقيضه، ظهر عليه.